إعلان
إعلان

شيرين وأخواتها:بقلم دلال ابراهيم

#سفير برس

إعلان

في بداية الأمر, اعتقد, كما الكثيرون, أن أعظم أخطاؤنا هي أشخاص خاننا حسن ظننا بهم. أما الأحداث أو المواقف فيمكننا تجاوزها. إنما لا يمكن مصادرة حقنا كبشر في أن نضعف وبالتالي أن نسقط أو نكبو في مواجهة مطبات الحياة, وفي مواجهة صفعاتها لنا. فنحن في النهاية لسنا ملائكة ولسنا أعمدة خرسانية. ونتيجة لذلك طبيعي أن نغضب ونمتعض ونحزن, وأن ينتابنا قدر من اليأس والحقد والضغينة على أنفسنا وعلى الآخرين وعلى من جر لنا الخيبة والانكسار. ولكن لا يغيب عن بالنا أن الحياة ليست بتلك الروعة والمثالية التي تقيك من الشعور بالخيبة, ولن تكون أبداً, ولسنا مطالبين بأن نكون بدورنا مثاليين ومتفائلين طوال الوقت. بل إنني أرى أننا نكون صادقين وشفافين حين نبدي تأثراً موازياً لكل ما نعانيه, ولا نكلف نفسنا عناء تزييف ما يعترينا وتعليق ابتسامة باهتة على سحنة مظلمة. إن التفاؤل كلفته مرهقة  حين نجتره من قعر معاناتنا مع الواقع, ليس أننا نكفر بموجبات الفرح أو نعزف عن الرضا الممزوج بخرافة القناعة التي يفترض أننا نمتلكها من العدم الكثير المحيط بنا, إنه التعب الذي يغزله الجري واللهاث المتواصل والذي بدوره لا يأخذنا إلى هدف واحد محقق.  ودعونا نقتنع أن ليس بالضرورة كل ما انكسر يمكن تصليحه, وأن العشرة والأيام ليست معيار حقيقي لقوة علاقاتنا العاطفية, إنما مشاعرنا ووقتنا أمور ثمينة وينبغي أن نعرف أين ولمن نوجهها, وأن الأمل المفرط يمكن أن يشطرنا إلى نصفين. وإن كان رب قائل سيقول لي بضرورة أن نفرد مساحة في قلوبنا للضعف الانساني. ولكن لنعترف: ليس اقسى من ألم الشعور بالعجر والإهانة والذل لمن لا يملك من أمره شيئاً.

أعلم يا عزيزتي شيرين وكل من قصتها تشبه قصة شيرين عبد الوهاب مقدار الألم والخيبة التي داهمتك بضراوة في فترة من حياتك , ولا زالت تداعياتها تعبث بأرجاء روحك الفسيحة. بأيدي سطوتها دهنت أرجاء حياتك بألوان القسوة, وتسببت بإقصاء الفرح من أوساط قلبك, بل إنها منعتك من مزاولة السعادة.

شيرين مطربة حباها الله بخامة صوتية عذبة التف حولها جمهور عريض أعجب بفنها الراقي وموهبتها الآخاذة.  ونتسائل كيف لم تصنها موهبتها عن الوقوع في شرك مرغ الكرامة ؟ كيف تجاوزت كرامتها لأجل رجل أنا اعتبره عابر, اعتبره يتخفى بخيال أصبعه, ويرسم الخطوط المتعرجة لمعركة دينكوشوتية, ويعجز عن رسم خط مستقيم بين نقطتين.وما كان ينبغي أن تهدر كرامتها من أجل هذه النسخة الركيكة من الرجال, ما كان ينبغي أن يزج بك رجل إلى مستشفى الأمراض النفسية. نحن أقوياء بذواتنا, وإذا لم يكن الشريك سنداً لنا ونحن سنداً له لنزداد صمود وقوة فلا حاجة لنا بشريك يرسي علينا نقاط ضعفه, أؤمن أننا ينبغي أن نعيش بكامل ضعفنا وهشاشتنا وعفويتنا في منتصف العلاقات, لكن القوة أمر يلزمنا بعد النهايات يا شيرين وأخواتها. أن نتمتع بقلوب بدلاً من أن تعد الخيبات, تصبح تتعامل معها كشيء آخر له وجوه أخرى.

( ظل الرجل ليس أبداً أفضل من ظل الحائط ) فالجدران ذات السقوف العالية تستر الدمع أكثر من يد رجل انغرزت أوصاله في الجهل القديم فلم يدرك أهمية الأنثى في بناء الحياة ولم يدرك أن لولا شمعتها القديسة لكانت الحياة هناك على صدر أدم تتوسد العدم. فكوني تلك المرأة التي خلعت كابوس الضلع الأعوج بمخرز الأنا لتخرجي من شرنقة القيد إلى البعد الحادي عشر للانعتاق. لا بد من مخاض آخر لنكون كما نريد وكما تستحق أرواحنا. وإلا فإن هذه الحياة سوف تبقى تجلدنا دون رحمة, تمشي فوق مشاعرنا, تقطفنا وتحصدنا وتدرسنا وتجعلنا كدقيق في أول عجنة نقدمها على مائدة التنازل والرضا والقناعة.

#سفير برس- دلال ابراهيم 

إعلان
إعلان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *