في مَرَّةٍ…أنا صَفَّقتُ للرئيس بقلم: محمد فياض
#سفيربرس _ القاهرة

لي حزمة مصالح لانهائية في هذا الوطن تتجلّى في كونه وطني..وغيري له مصلحة يحددها بدقة ويسعى في طريقها ويستحِل في سبيل غايته كل شيء من القيم إلى الوطن ذاته..وفكرته..هذا هو الفرق بين أبناء مصر الذين يجتهدون لأجلها .عزتها وكرامتها..وبين من اتخذتهم مصر أبناءها في غفلة من مصر أيضا وهم يجاهدون في عَرضها وعَرض عِرضها _بكسر العين _لغايات ليس من بينها ماهية الأرض.العِرض..
الوطن.
ولمن لايعرف قيمة الوطن.أو عندما تشتبك ميوله وغاياته مع محددات الجغرافيا التي يعيش فيها لاترتبك خياراته طويلاً من الزمن إلا بالقدر النسبي الكافي لتحقيق إنتصار غاياته ضد الوطن والذي لم يعلن الأخير فض إشتباك مضامين إحتياجات الأمة وحاجة الفرد.الأمر الذي لم يعد مُستغرَباً ونعُدّهُ مُستغرِباً..متأمركاً إعلان الإستعداء للوطن والتعالي عليه والإستعانة بأعداء الأخير ضده..في النهاية لنصرة مشروع إن إنتصر فقد سقط مشروعنا الوطني..وإن صمد الأخير حتماً يسقط الأول.
ولايمكن أبدآ..بل وليس من الجائز نظرياً إستمرار الوطن حياً دون مشروعٍ وطني.
وكلما كانت المشروعات المتصارعة..ولم أقل المتنافسة.لأن الأخيرة هذه تفترض حراكاً بالمواءمة أو بالتسابق في الميدان لغاية نبيلة ووحيدة ووطنية.ولذلك كلما تصارعت المشروعات وَجَبَ إستنفار الهوية والإرادة والذهنية الجمعية المتّقِدة لغاية الذود عن المشروع الوطني والإلتفاف حوله وحتمية إنتصاره درءاً لخطورة إنكسار مرحلة تعوذها بلادنا لتتراص مع مراحل تسهم في نهضتها.
وعندما سئل جان جاك روسو عن ماهية الوطن كانت إجابته:
“.هو المكان الذي لايبلغ فيه مواطن من الثراء مايجعله قادراً على شراء مواطن ٱخر ..ولايبلغ فيه مواطن من الفقر مايجعله مضطراً أن يبيع نفسه أو كرامته.. الوطن هو رغيف الخبز والسقف والشعور بالإنتماء..الدفء والإحساس بالكرامة..”
الوطن ليس أرضاً فقط.لكنه الأرض والحق معاً .فإن كانت الأرض معهم فليكن الحق معك..الوطن هو حيث يكون المرء بخير..
وهنا يفرض السؤال نفسه : هل نحن بخير..؟!!
هل نحن الذين قال فيهم رب العباد
( الذي أطعمهم من جوعٍ وٱمنهم من خوف) .؟
إن الشعوب لاتحيا بالبطش الإقتصادي أو غيره.ولايستقيم المجتمع الذي يحمل بين مفرداته مواطن قادرٌ بثرائه على شراء مواطنٍ مُفعمٌ بفقره..وعَوَذِه.
كنت في طليعة من هتفوا للوطن ودفعوا فواتير عشقهم لشعبنا.ومن يمكنه الفصل بين الوطن والشعب. فثمةحالة من حالات النصب.إذ ماهي محددات الوطن وماهيته وهل يمكن مخاطبته بمعزل عن الشعب.؟!!
أملك في مكتبي دليلاً دامغاً أنني والرفاق أول من تجاوزوا فكرة إستدعاء المشير والإستعانة به بصفته لإستعادة الدولة المخطوفة..والوطن المخطوف.تجاوزنا الفكرة وقفزنا عليها ذهاباً إلى إبداعات ٱلية التنفيذ..لم يكن وقتها يفكر أحد خارج إطار معطيات جديدة تلتف حول عنق الوطن وٱلية البحث كانت تتجه صوب الإستئناس بالرئيس وفريقه الثيوقراط لغاية تخفيف القبضة على عنق الوطن..أن يتم الذبح وبشرط أن يكون على الطريقة الشرعية.
وقتها اجتمعنا وقررنا تحت عنوان “. الشعب يأمر.” بضبط وإحضار أوراق المشير وتجريده من سلطات الوظيفة وتقديمه مرشحاً للتصويت بالموافقة عليه منقذاً منفّذاً أوامر صاحب السلطة السيد/الشعب.
ومالم يفعل الرئيس غيرها فقد أنجز إستعادة الدولة من براثن الخطف.لكننا -شعب مصر -وبعد إستعادة الدولة لنا فيها حقوق لن نستجديها من الرئيس.أي رئيس. واستقرت الدولة القُطرية واكتمل بناء المؤسسات.ولم نعد في المرحلة الإنتقالية _ وفقاً لماهية الدولة _وانتظر المصريون إصلاح ما أفسدته جمهورية مبارك.ووضعناأجندة فكرية تحمل خبرات نحسبها عظيمة تصلح للنقاش حولها تقبل التطوير بالحذف والإضافة.وضعناها أمام الرئيس لغاية الإنسان في مصر.يقينا منا أن الذهاب إلى المستقبل دائماً يبدأ وينتهي بالإستثمار في البشر.وأن أول البدايات وفق كل التجارب الناجحة كانت في ملفي الصحة والتعليم.
وطالبنا الرئيس أن الشعب المصري يحتاج الٱن إلى حقه في العدالة الإجتماعية..فذهب الرئيس إلى الحماية الإجتماعية عِوَضاً عنها.وذهب الحكم إلى سياسةٍ الإستدانة من صندوق النقد.. رفضناها منذ البداية..وقدمنا البدائل للتمويل دون رهن المستقبل لدى الأجنبي..وحملت أجندتنا لمصر مشروعاً متكاملاً في الصناعة والزراعة..لكن الحكم أبى إلا أن يعتنق ذات الفلسفة التي إعتنقها حكمي السادات ومبارك..إختلفنا مع الرئيس ومازلنا على جدول الأولويات..وندرك جيداً أن الحكم بعد ثورتين لم يغيّر في فلسفته ولم يتحرك قيد أنملة في إنحيازه.
نعم مازالت فلسفة حكم مصر تنحاز وبقوة ووتيرة سرعة تدهس عجلاتها طبقات المجتمع..وليس بِمِكنتي أن أنظر إلى المستقبل دون التحذير الشديد من خطورة مضاعفة على حق الحياة لطبقات إجتماعية في بلادي تتعامى فلسفة الحكم وهي تخطط وتنفذ لجمهورية جديدة نرى فيها بناءات ضخمة وتوسعات رائعة وشساعة الإضافة للطرق والكباري والمدن.يقابلها في المشهد بيع عموم مصر وخصخصة كل شيء وتمكين رجال المال من أعناق السيد الشعب..وتدني الصحة والتعليم.
لم يزعجني كثيراً أن يصمم الحكم في فلسفته الإقتصادية على السير قُدُماً في نفس الطريق الذي بدأه الأستاذ أنور السادات وسار عليه مبارك ويسرع السيسي الخطى على نفس درب دمج الإقتصاد الوطني في النيوليبرالية العالمية .لكن المزعج أن يدفع المصريون تكاليف بناء إقتصاد ريعي يعتنق سياسة تجريف الأموال المتبقية في جيوب الفقراء.وبناء العديد من المشروعات الإستراتيجية بأموال الشعب لبيعها لرجال المال..والفرق كبير جدآ بين رجال المال ورجال الأعمال..الأولى فقط نراها.والثانية ربما تأتي.وإن أتت تجيء مشوّهة لاتحمل في بنيتها البيئة الإقتصادية والإجتماعية لهذا الشعب وتقف منه موقف السيد المالك من العبيد المماليك..
ويتبادر إلى ذهني سؤال: هل نستطيع تغيير أو حتى حرف البوصلة ولو قليلاً في إتجاه مصالح مايقرب من مائة مليون مصري يكابدون شظف العيش وتعتصرهم وأُسَرهم معاناة التمسك فقط التمسك بالحياة التي بات الحق فيها تتهدده مخاطر جمة.
السيد الرئيس..
نطالبكم فقط مراجعة مشهد الإلتفاف حولكم والذي لم تشهده كل عواصم الدنيا حول رجل أي رجل في العالم..
تُرى إن ذهبنا الٱن.. وحتماً سنذهب _ بكل محددات الذهاب والرحلة _ إلى إستدعاء هذا الشعب..هل سيتكرر ذات زخم المشهد..؟؟ بالقطع.لا ..وأي إجابة مكتوبة لسيادتكم خلاف ذلك ندعوكم إلى عدم الأخذ بها..
الشعب الحقيقي في مصر دفع كل مالديه لشعب النصف في المائة.ومازالت فلسفة الحكم ماضية في إستخدام أدوات لتحقيق المزيد من فض الإلتفاف حول الرئيس..حزمة من الأكاذيب يكتنزها شعب مصر ويبتلعها بمرارة راكمت يقيناً شبه مؤكداً بعدم تصديق ممارسات الحكومة بعد ذلك.
السيد.الرئيس .
سياسة الجباية التي تمارسها الحكومة جعلتها تُشَرعِن من أدواتها للبطش الإقتصادي الذي سيُخرِج شرائح إجتماعية خارج الهرم الإجتماعي والذي بات منبعجاً بما يكفي لتكريس تشوّهات إجتماعية وطبقية تنذر بمخاطر جمّة..وليس مايحدث مع المحامين والمحاماة باللبنة الأولى لزيادة إنبعاج الهرم..
والأمر جلل..ليس من منظور أن القانون وقد صدر وأن إستثناءً لن يكون..وقد كان..إن ثوب ذات القانون مليء بالإستثناءات الفجة .
محجوبة عن دفع تكاليف الوطنية تحت مزاعم غير معلنة ووقعها مسؤول يكذب أمام الشعب السيد.
والأمر جد خطير وليس من منظور أن مهنة المحاماة تحتاج إلى إعادة قراءة المباديء الدستورية واحترامها..والمحاماه ليست مُهانة ومعتدى عليها إلا في بلادي..ومصر بلد كبير لايليق مايحدث فيها من استصدار قوانين تتقدم بها الحكومة ويوافق عليها نواب وفقط لايمثلون السيد الشعب إلا وفق بيانات التصويت..وتغيب معطيات كثيرة وتنقصهم خبرات راكمتها مصر عبر سنوات طويلة في العمل النيابي موالاة ومعارضة.
تشريعات لم يتقدم بها النواب رغم مٱخذنا على الحالة ومعطياتها ومسيرة مجيئها..قدمتها الحكومة ضد كل معطيات الأمن القومي المصري الذي يفرض على المُشَرّع الحفاظ على بنية السلام الإجتماعي وعدم التغول في زرع مفجرات في جسم الهرم الطبقي والسعي لزيادة إرتفاع مؤشر الرضا العام..وذهبت الحكومة إلى عدم إجراء حوارات مجتمعية قبل استصدار التشريعات بما يؤجج الكثير من المشكلات في زمن إعمال النص بالتطبيق..إن أزمة الحكومة في التعامل مع أحد أضلاع العدالة في البلاد يعطي مؤشرات لمزيد من الفشل في صيانة الأمن والسلام الإجتماعي ويعطي المبرر لكل القوى الإقليمية والدولية التي يزعجها إستقرار مصر للتدخل. والإصطياد في هذا الظرف التاريخي الذي يعاني فيه شعب مصر من تبعات فاتورة الإصلاح الإقتصادي الغاشمة في بطش التنفيذ على الطبقات دون طبقة مدللة..
إن النص القانوني الذي لايلبي حاجة مجتمعه المراد إنزاله به لتنظيم علاقاته إلى الأفضل..فثمة نص قانوني مفخخ يجب التدخل الرئاسي للتعامل معه بما لدى الرئيس من صلاحيات دستورية.
وعديد من النصوص استصدرتها الحكومة وفشلت عند التطبيق مثل قانون التصالح..وليس الوحيد..بما يُصَدّر رسائل لاتليق بمصر.وترسل إشارات تبرهن أن نواب البرلمان في إنفصال عن مجتمعهم..في كوكب دون الكوكب الذي في القلب منه مصر..
أوجاعٌ إقتصادية غاية في الإيلام.ويكفي أنها كشفت كل الأغطية أو كادت عن الأب المصري في أسرته التي بات مُعلَناً موقفه العاجز أمام أولاده..
في مرةٍ أنا صفقتُ للرئيس.وأقول له الٱن المسؤولية في عنقك..إن مصر لاتعرف حكومات وتاريخنا لايعرف سوى الرؤساء..والحكومات تعمل سكرتارية بدرجة وزراء في مكتب الرئيس.وعندما صفّقتُ للرئيس..لم يكن تصفيقاً مطلقاً..ولم يكن على بياض.
فلي حزمة مصالح لانهائية في هذا الوطن.والإعتداء عليها يمنحني كل الحقوق للتصفيق المعاكس.
#سفيربرس _ بقلم: محمد فياض _ القاهرة