إعلان
إعلان

النجم الآفل وبناء القدوة.. بقلم: محمد عفيف القرفان

#سفيربرس _ الكويت

إعلان

قبل كأس العالم في قطر كانت المقارنات بين رونالدو وميسي لا تزال تساوي بينهما تقريباً مع ذكر بعض الفروقات بين الحين والآخر، ولكن هذه المقارنة ستبدأ بأخذ شكل جديد بعد نهاية المونديال. ترى لماذا؟

كنت ولا زلت من مشجعي كريستيان رونالدو وذلك ليس فقط لمهارته في اللعب مع الساحرة المستديرة وقدرته على الاستعراض، وليس فقط لأنه يمتلك كاريزما مؤثرة تجعل منه قدوة للشباب، كما أن ذلك ليس لأن هذا الشاب يشغل العالم بما يقوم به من مواقف أمام كاميرات الإعلام العالمي؛ فأنا قد كتبت كثيراً عن هذه الظاهرة الكروية، وذكرته في أكثر من كتاب لي على أنه نموذج نجاح.

كريستيان رونالدو يتقاطع مع أبي الطيب المتنبي في الشخصية المغرورة والمتمردة ولكن كل واحد في فنه الذي يتقنه، ولطالما تذكرت بيت المتنبي:

أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي
وأسمعت كلماتي من به صمم
أنام ملء جفوني عن شواردها
ويسهر الخلق جراها ويختصم

ذلك لأن الكاميرات تلاحق كريستيان رونالدو وترصد تحركاته وتصبح المواقف التي يقوم بها مواد للتحدث عنها في جميع أنحاء العالم، ومن منا ينسى تلك الصورة التي أزاح بها رونالدو زجاجتي كوكا كولا من على طاولة المؤتمر الصحفي لينصح الناس بشرب الماء الصحي؟ إن هذه الحادثة أشغلت العالم، فكتبت عنها المقالات وتم تصوير اللقطات التي تحاكي ذاك الموقف وأثيرت حولها الإشاعات والكثير الكثير..

أنا شخصياً أتحمس لتشجيع رونالدو لأنني أرى بأن الفرق بينه وبين ميسي أن رونالدو قام بصناعة مهاراته بالتمرين والعمل المستمر، أما ميسي فلديه موهبة فطرية لا تجعله يبذل جهداً كبيراً لأن جزءاً كبيراً منها كان منحة إلهية لم تتوفر لرونالدو الذي صنع نفسه بنفسه. هذا لا يقلل من شأن عبقرية ليونيل ميسي. ولكنني دائماً أنظر إلى نسبة الاجتهاد الشخصي في تنمية المهارات، فالاجتهاد الشخصي يعني أن هنالك جهوداً كبيرة تم بذلها في التمرين، وهي ذاتها مدرسة محمد علي كلاي في تنمية المهارات – مدرسة العمل الدؤوب.

أمس كنت أتحدث مع ابني “عمر” عن رونالدو، فقال لي: “هذا النجم عليه أن يحترم تاريخه ويعتزل”، علماً أن ابني من مشجعي ميسي، ولكن يصعب عليه أن يرى ذلك النجم وهو يأفل. إن قرار مدرب البرتغال في وضع رونالدو على دكة الاحتياط في مبارة المنتخب البرتغالي مع سويسرا له دلالات كثيرة وكبيرة بصرف النظر عن انزعاج المدرب من رونالدو من موقف حصل سابقاً؛ إذ إن البرتغال تغلبت على المنتخب السويسري بفارق كبير (٦-١) وبدون النجم البرتغالي. هل هي رسالة بأن منتخب بلاده يستطيع اللعب الجيد بدونه؟ أم أنها مجرد عقوبة من قبل المدرب وسينتهي الأمر؟ أم أنها رسالة شخصية لرونالدو لكي تتضح الأمور لديه فيعرف ما الذي سيفعله عند انتهاء النسخة ٢٢ من كأس العالم؟

مهما كانت الأسباب، على كريستيان رونالدو أن يدرك خطوته القادمة ويدرس أبعادها، لأن محبي النجم البرتغالي لا يحبون أن يرون أفوله أمام أعينهم، وإن حصل ذلك فهو انتحار مهني لا يليق به؛ فهذا اللاعب قد قدم كثيراً لكرة القدم وقد حان الوقت ليصبح أيقونة كروية، ولكن ذلك لن يحصل إذا بدأ مشجعوه يرون مستواه يتراجع أمامهم فتنهار الصورة البراقة التي تشكلت في أذهانهم عنه.

في أدبيات التنمية، على الشخص القدوة أن ينسحب في الوقت المناسب لكي تبقى صورته المثالية نموذجاً يقتدى به ومثالاً يحتذى به، لأن الاستمرار في ذات المسار بقدرات تقل تدريجياً يعني أفول النجم والتوقف عن كونه قدوة مع الوقت، وهنا عادة ما ينشأ صراع بين العقل والعاطفة، فالمنطق يقول على رونالدو أن يتوقف لأن القدرات الجسدية تتراجع بطبيعة الحال، والقلب يقول أن رونالدو لا يزال يحب أن يلاعب الكرة أمام هتاف مشجعيه. فهل سنشاهد أفول النجم أم بناء القدوة؟.

#سفيربرس _ بقلم: محمد عفيف القرفان

#المدرب_المايسترو
#أفول_النجم
#بناء_القدوة

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *