إعلان
إعلان

في بيتنا فروج .. بقلم : المثنى علوش

#سفيربرس

إعلان

يعلم بهجت مسبقاً أن الترهات المتعلقة بالتحول الرقمي و عصر السرعة و المكننة و استصدار العملات الرقمية ليس لها أي علاقة بحياته اليومية التي اعتاد عليها، و أثرت بشكل كبير على ذائقته و تعامله مع الآخرين من جيرانه و الحيوانات الأليفة التي جلبها إلى بستانه مطلع القرن المنصرم .
لقد استولى البحث عن الطعام جلّ اهتماماته و تطلعاته، و أصبح يضع حلولاً مؤقته تنسيه الدجاج و لحم الضأن و الأسماك التي اعتاد عليها و بالغ في شرائها أيام العز .
يعاني كلبه ( قوقوع) من هزالة مزمنة جعلت من نباحه أشبه بعملية توسل و تضرع استجداءً لقطعة عضم حتى لو كانت مسلوبة على آخرها .
أما دجاجاته فقد انتشرن في البستان بحثاً عن بقايا بذور الأرض و الحشائش التي خلفتها الأمطار و السيول، و الديك ( شلفون) فقد معظم قواه الجنسية و انشغل هو الآخر بالبحث عن رزقه مبتعداً عن مهامه الأساسية في تخصيب الدجاج و نكاحه.
المأساة توسعت لتصيب الفئران و الصراصير و صغار السحالي الذين استنكروا النقص الشديد بالأغذية و الفضلات و رحلوا بلا أسف عن بستان بهجت .
في صبيحة العيد وصل إلى مزرعة بهجت دجاجةً كبيرة و دسمة تزن أكثر من ثلاثة كيلو غرامات، وكان عليه اتخاذ القرار التاريخي بطهيها سلقاً أو شياً على الفحم او بالفرن.
و بالفعل اتخذ القرار بمساعدة زوجته فدوى و قام بتقطيع الدجاجة أجزاءً صغيرة، و غمسها بمنقوع الخل و اللبن و الفلفل تحضيراً لشيها على الفحم. و عند السادسة مساءً بدأت الأدخنة تتصاعد من البستان حيث أشعل بهجت النيران مستخدماً حطب أشجار البرتقال و الليمون ليضيف نكهة مميزة على قطع اللحم .
كانت تجمعات القطط توحي بأن الحياة دبت فجأة في بستان بهجت، و كلما تزايد الدخان و روائح الشواء ازداد عدد القطط حول المكان في انتظار ما سيؤول من عظام و خبز منكه بعصارة اللحم اللذيذ .
انتقضت الساعات الأولى و لازالت القطط و بعض الذباب ينتظر أن يبدأ بهجت برمي بعض البقايا هنا أو هناك، لكن الأمر ليس هيناً عليه بعد هذه المدة من الإنقطاع عن الشواء.
بدأ بتوزيع قطع اللحم على زوجته الجميلة أولاً ثم أولاده و اخوته، و راحوا يلتهمون قطع اللحم بنهم و متعة لا مثيل لها .
و كان قد أوصى بهجت على أفراد بيته أن يجمعوا العظام ليعطوا قسماً منها إلى الكلب قرقوع و جروه بوبي الصغير .
أما القسم الآخر فكان من نصيب القط الأبيض الأكثر توسلاً و الذي بقي منتظراً أمام باب المنزل ساعات طويلة للحصول على عظمة.
انتهت الوليمة و فقدت باقي القطط أملها بالمطلق، فلم تنل سوى الرائحة و سماع القهقهة و الفرقعة و قرقعة الأطباق.
عاد كل إلى وكره و قد اتخذ وضعية القط الحزين صاحب الحظ السيء و قال في نفسه هذا نصيبي و اكتفى .
أما باقي الزواحف و الحشرات فقد استنكرت الأمر و نددت و شجبت، لكنها بطبيعة الحال لا صوت لها و لن يسمع بعويلها أحد.
يقول بهجت في مذكراته :
لم يكن الأمر هيناً … لقد أثمر صبري عن دجاجة، و قد وصلت أخيراً، و شعرنا بالكثير من الرضا و السرور في تلك الليلة المجيدة.

# سفيربرس _ بقلم: المثنى علوش

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *