متاهة بحرية..بقلم : سعاد زاهر
#سفيربرس

الليلة الأمواج هائجة على امتداد الشاطئ تهجم، ومن ثم تنفلت على الرمل، تسارع أفكارها وهيجانها يشبه صخب تلك الأمواج، ولكن تتمسك بها دون أن تتحول إلى زبد سرعان ما ينتهي مفعوله.
مضى زمن لم تزر هذا المكان البحري، حيث تفلتت في وقت ما طائرة ولم تتزحزح من يومها، فيه سر كلما أقلقها أمر ما تهرب إليه، ما إن تقترب كأن مساً من السحر أصابها، لكن هذه المرة وهي تنظر إلى تلك الصخور المنخورة، انتبهت إلى غرائبية تشبه شكل متاهة بحرية، اقتربت تصنع فيديو بتمهل.
شعرت بملل سريع، وكأن تلك المتاهة ذكرتها بمتاهتها المركبة ولكن الفرق أنها غارقة فيها دون أمل في إيجاد منفذ للخروج، كأن كل تلك الكائنات المائية حتى غير المرئي منها تتربص بها تعيقها عن قلب الصفحة الأخيرة.
حين غادرت المياه وارتمت على الرمال شعرت أنه لم يحن الأوان للخروج من المتاهة والبدء من جديد، من المبكر جداً القول: إنها وجدت ما يدعم اهتراء حياتها، وتهالكها المضن، لاتزال تشعر أن داخلها يتداعى، ولا شيء يملأ فراغه.
عادت ثانية إلى حيث المد يتزايد اعترت جسدها خفة غير سوية كأن الأسماك إلى جانبها تتحدث، والأصداف تتهامس، والأمواج تتراقص بخفة راقصة باليه، والنجوم تراقبها علها تبعد همها.
إبداع لا مثيل له، لم يتمكن من حثها على الابتعاد عن الصدى الأجوف لانكسار ما زال صوته عالقًا في الروح يخربش أذاه كأن القرش يلتهمها آلاف المرات.
يا لقسوة الخيبة، هذه المرة أقوى من أسنان قرش في زمن لا يفترس فيه سوى الأمواج….
حين مضت إليه تلملم أغراضها، شعرت بأنيابه تشبه أنياب القرش الذي التهمها يوماً ما
ولم يلفظها.
للمرة الأولى قررت البقاء بضعة أيام تعارك وحدها تقلب بين الروايات التي لطالما غرقت فيها، يا لسحر الكلمة كانت كلما تقدمت في صفحات أورهان باموق، أو باولو كويلو، أو ماركيز…تشعر بصغر تجربتها.
راقها وهي تراقب إحدى الأسماك الصغيرة تتقلب يميناً وشمالاً على الرمل حتى تمكنت من العودة إلى مياه البحر وسبحت بسرعة كبيرة، كأنها وجدت جنتها…!
قفزت بسرعة
حين مضت شعرت أن معجزة حررتها من القرش الذي كاد يلتهمها يومياً عشرات المرات.
#سفيربرس _ بقلم : سعاد زاهر: