إعلان
إعلان

على ماذا يراهن العرب.. –بقلم: محمد فياض

#سفير_برس _ القاهرة

إعلان

لقد سلمتك أمةً نائمة. خذ منها ماتشاء قبل أن تفيق. واحرص على ألاَّ تفيق. فإنها إن فاقت فسوف تسترد خلال عامٍ واحدٍ مافقدته في مائة عام.
تلك كانت رسالة هنري كيسنجر إلى مناحيم بيجين بعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد مع أنور السادات في 1977.ويظل الصراع القطبي باعثاً شَرَرَه لتعبيد طريقاً لمستقبلً مختلف. ونرى أن كل المعارك..كلها.. هي خناقة في إطار قطبي ومزاحمة إصطفاف وإزاحة..إصطفاف ٱخذٌ في التبلور والإعلان عن إستحقاق تدفع شعوب العالم أثمانه في أوكرانيا وغزة والعراق وسورية ولبنان وليبيا واليمن. وليس من المفاجأة أن تمتلك أدوات المقاومة ومحورها كل هذا الصمود والقوة النيرانية. ربما فاجأت العدو ومن يدور في فلكه. وبالرغم من تطور الصراع وتعاظم القدرة على امتلاك الأدوات. من المقاومة بالحجر. وبالجسد. إلى ماوصلت إليه حماس والجهاد ومن قبلها حزب الله في لبنان. وفي العراق واليمن وسوريا.في ساحات الإصطفاف إشتغلت المقاومة على نفسها باحتراف وجهد كبير مكّنها من امتلاك المبادرة في التخطيط والتعاون وتوزيع التكليفات واكتناز مبررات كسب المعركة والإمساك الجيد بمفاصل النزال وتوجيه خطابه السياسي وقيادته.
وبينما ساحات المقاومة جادة في التعامل مع المعركة وتجهزت لها وتوقعت تحضير كل شياطين القطب إلى الساحات فكانت حاملات الطائرات والغواصات النووية والجيوش العائمة أمريكية وغربية حاضرة فوراً..في ساعة صفرية فور موقعة طوفان الأقصى.الأمر الذي يؤكد أن 7 أكتوبر تاريخ فاصل في جدية القضاء على القطبية الواحدة.لم تنزعج الولايات المتحدة الأمريكية والغرب لأن المقاومة الفلسطينية سددت ضربة عسكرية استراتيجية ضد إسرائيل.بل أزعجها أن المنطقة ستحدث لها إفاقة جبرية بفعل جرأة محور المقاومة. وهذا يُكَرّس عملياً الإصطفاف لجهة إفاقة دولية ليست في صالح المصالح الأمريكية.وتسهم إسهاماً عظيماً في القضاء على القطبية الواحدة.وبين الإفاقة والإغماء قادت الحكام رعاياها إلى كهف الرهبة وأنزلتهم منزلةً الخوف من صهيل الخيل.فلا استقامت أنظمة الحكم على حيادها الإيجابي حيث يكون الحياد في المعارك الدائرة محض خيانة..ولا أفسحت الشوارع لتمارس الجماهير سياسة الهتاف والزعيق. بل ظلت العواصم تتبارى في حفلات السمر تقيم الليالي الملاح بمناسبة وبدونها.وتُحَزِّم الرعايا في طوابيرٍ فولاذية تحدد المسير كقضبان السكك الحديدية من يتجاوزها يتبوأ مقعده من خارج أدوات الصرف. ويعتقد القادة أن الحرائق ماجُعِلَت لغير التدفئة وأن رائحة شواء أجساد أبنائنا وبناتنا.الأطفال والشيوخ والنساء لم تصل بعد إلى خياشيم سدنة الحكم.
ويدفع الشعب العربي القانع والمقتنع بسلاح المقاومة أن الأمة مازالت كما سلَّمَها كيسنجر إلى بيجين.تغطُّ في سُباتٍ عميق . وليست مصادفةً أن تتوزع خارطة السلاح المقاوم على الجغرافيا العاملة الحاضنة الآن. لينقسم الشعب العربي إلى شعبٍ عربيٍّ مقاوم يخوض مع فصائل المقاومة حرباً من أقدس الحروب الفاصلة في تاريخ الصراع. وشعبٌ مستعرب وجد نفسه في أرضٍ كانت لوقتٍ قريب.أرضاً عربية. لُجِمَت أصواتها وتحشرج الهتاف في حلقها فهتفت حناجرها للصهيونية ممارسةً وفعلاً وسلوكاً أكثر صهينةً من الصهاينة.
ليس من الصعوبة الآن أن نستخرج من صفوف العرب فريقاً يؤازر تل أبيب ويدعمها في حربها القذرة.وليس من الصعوبة استخلاص فريق آخر في بلاد العُرْب تجرأ على الهمس دعوةً للقضاء على المقاومة ويربط وجوده بفنائها دون مبرر أخلاقي.
وفي ظل حالة الصمت وموت القبور الشعبي العربي تجاه ما يجري ويلهب مشاعر الإنسانية في كل بلدان العالم لتخرج مئات الألوف والملايين في الأقطار الغربية الداعمة للإبادة..إبادتنا.في ظل هذا تصعد جنوب أفريقيا إلى أعلى قمة المسرح لتتولى خوض المعركة بمفردها في الساحة الدولية أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي..غير عابئةٍ بمن سيلحق بها داعماً ومنضماً في الدعوى ومن سيلحق بها مواجهاً خصماً مدافعاً ومنضماً إلى إسرائيل..وغير مهتمة بمن سيقيم معها الدليل ويساهم بتقديم الأسانيد ومن سيمارس مايُضعِف الأدلة التي قدمها أحفاد مانديلا.وبينما تتسع رقعة المعارك ويقدم اليمن جرأةً لم تعهدها الولايات المتحدة الأمريكية وللمرة الأولى تواجه الأخيرة تحديات لم تعتادها في أي مواجهة من قبل. فقد كسرت اليمن الأنف الأمريكية وهي لاتقيم وزناً للأمريكي ولا لفارق القوة النيرانية ولم تذهب إلى مناجاة البحث عن تهدئة بل ذهبت إلى تصعيد بتصعيد..قصف بقصف.. اشتباك بمثله..فعل وردّات فعل.ولم تعبأ اليمن بجحافل القوة الأوروبية في مجموعها وأكدت استمرارها في استهداف الإسرائيلي والآن ومن يعاونه مادام الإعتداء على غزة مستمراً.
تقدمت القوى المقاومة لتعلن عن نفسها باحتراف وصلابة لاتلين.قدمت نفسها في مواجهة العدو بديلاً عن الجيوش الكلاسيكية لاتقبل تقديم ثمة تنازلات ولا تتزحزح قيد أنملة عن العناوين الرئيسة والدقيقة التي تحارب من أجلها..ولم تُضبط متلبسة بجريمة التصالح من موقع الهزيمة.
ولم يكن من المقبول أن يصير الشعب العربي بكامله من المشرق إلى المغرب في السياق ذاته الذي دفعه فيه السيد كيسنجر..
وبرغم محور المقاومة ومايذهب إليه وقد وضع الأمريكي والإسرائيلي أمام الحائط وأربكت بندقية المقاومة الحسابات كلها أجنبية وعربية ومزقت ربما الذهنية النخبوية التي رضعت من منتجات كامب ديفيد بما كثف أدران الدماغ العربي لشجب وإدانة 7 أكتوبر وطوفان الأقصى وترويج بضاعتهم الشاذة من منطلقات فلسفة المكسب والخسارة التي يعتمدها سماسرة المواشي في سوق البهائم. عدد من قُتِلوا هناك وعدد من استُشهدوا هنا. كم بناية تدمرت هناك وكم حيٍ بأكمله تم تسويته بالأرض.
هؤلاء لاعذر لهم.ولا ثمة عذر لرفعهم على قمة المشهد من الساسة الذين يمسحون قبحهم أمام الميديا بمصمصة الشفايف كالنساء -ودون زرف دمعةٍ واحدة – وهم يتحدثون بشجاعة عن الخطوط الحمراء في حجم الدمار وعدد الشهداء وتجاوز العلامات الجغرافية في المعارك.. ويُطلِقون العنان لتغييب الشعوب وتسطيح بطولات المقاومة.
وبينما يستعر الحريق ويتمدد ولن يترك أرضاً مستعصية إلا وهددها والعرب يقيمون الأفراح والليالي الملاح تارةً في مناسبات انتخابية..وأخرى في مناسبات فنية وثالثة ورابعة وخامسة وأخيراً وليست آخراً مسابقة إختيار ملكة جمال الدجاج في الخليج..!!
كلما شاهدت ذلك ومشهد الصمود الأسطوري للمقاومة أرهقتني كل خلايا الدماغ بحثاً عن إجابة سؤال لا جواب له..على ماذا يراهن العرب.؟!

#سفير_برس _ بقلم: محمد فياض

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *