إعلان
إعلان

كتبت د: إلهام محمد التهامي.. الروح المطمئنة.. كنز مفقود

#سفير_برس _ الكويت

إعلان

يُعدّ الشعور بالطمأنينة والاستقرار النفسي من أجمل المشاعر التي يسعى الإنسان لبلوغها، إذ تمنحه حالة نادرة من السكينة والرضا الداخلي، فيشعر وكأنه يمتلك العالم بأسره. لكن مع الأسف، أصبح الوصول إلى تلك الروح المطمئنة حلماً بعيد المنال بالنسبة للكثيرين.

إن ما وراء ذلك هو المعوقات الجمّة التي تقف حائلاً دون بلوغهم ما يصبون إليه من سعادة وطمأنينة، فيصعب عليهم تخطي تلك العقبات، فتتبدد آمالهم وييأسون من نوال تلك الهدية الثمينة. وأهم هذه المعوقات وأخطرها، هو انشغال الإنسان المفرط بالسعي وراء تحصيل مقومات العيش في هذه الدنيا، وتوفير كل ما يلزمه من مأكل ومشرب وملبس ومسكن، دون مبالاة بحاجاته الروحية أو النفسية.

فها هو ذا يعمل بجهد شاق، ليل نهار، رغبة في امتلاك كل شيء له ولأسرته، فإذا به يجد نفسه في نهاية المطاف قد أنهكته الحياة، وطغت عليه الضغوطات، ما أفقده القدرة على الاستمتاع بتلك النعمة التي تعب لأجلها!

وهناك من الناس من حالفه الحظ في تحصيل مقومات الرفاهية والدعة، إلا أنه ما لبث أن وقع فريسة لشهواته وملذاته، فانغمس في حبائل الرذائل حتى فقد سكينته واتزانه النفسي، وأضاع كل ما حازه من ثروات مادية في سبيل لحظات زائلة من اللهو واللعب.

ومن المعوقات الأخرى الخطيرة، التي تحول دون وصول الإنسان إلى مطلبه من الراحة النفسية، الوقوع في براثن الإدمان والانحراف بشتى صوره فنجده متأرجح بين صفحات التواصل الاجتماعي بلا هدف ولا وعي أو بين مواقع التسوق بما لا فائدة فيه، وهذا فيه من الخطر مالا يقل أبداً عن خطر ادمان المخدرات والكحول فجميعهم يهدد سلامة العقل ونجد على إثر ذلك أن الإنسان يعيش حياة جحيم لا توصف، بين نوبات من الهلع والقلق والاكتئاب الشديد، تنتابه بين الحين والآخر، ما يجعل وصوله إلى حالة الاطمئنان والتوازن النفسي أمراً مستحيلاً.

وتبقى أعظم الموانع التي تمنع الإنسان من بلوغ ما يتوق إليه من سكينة وطمأنينة، هي البعد عن مصدر الخيرات كلها، وهو الله عز وجل، فمن انقطع عن ربه وأعرض عن ذكره وطاعته، فقد حرم نفسه من أعظم نعمه وهي نعمة الإيمان الذي يملأ القلب طمأنينةً ويزيل عنه الهموم.

ورغم كل تلك التحديات والمصاعب، إلا أن باب الأمل ما زال مفتوحاً أمام كل إنسان يريد أن يسترد اتزانه النفسي وسكينته الداخلية المفقودة، فكل المشكلات لها حل، وكل الأدواء لها دواء. وعلى الإنسان أن يدرك أولاً أن السبيل الوحيد لامتلاك تلك الروح المطمئنة هو إصلاح العلاقة مع الخالق، فيجب عليه أن يلتجئ إلى الله وحده، ويعتصم بطاعته، ويتوب من ذنوبه ويستغفر ربه، فسيجد نفسه قد تغيرت حالته النفسية تماماً، وزال عنه القلق وحلت محله الطمأنينة.

هذا بالإضافة إلى بعض التدريبات العملية التي تساعد الإنسان على تهدئة أعصابه وتخفيف ضغوطات الحياة عنه، مثل تدريب الاسترخاء والتأمل والتفكر في آلاء الله، وكذلك ممارسة الرياضة بانتظام والاستماع إلى القرآن الكريم ، وتناول الأطعمة الصحية، فهذه كلها عوامل مساعدة في تحقيق الاتزان النفسي وبلوغ حالة الروح المطمئنة.

يبقى التوكل على الله وحده هو السبيل الأقوم والأنجع لاسترداد تلك الهدية الثمينة التي تسمى “الطمأنينة”، فهي نعمة من نعم الله عز وجل على عباده المؤمنين، يمنحها لمن يشاء منهم، فلا بدّ أن نلتجئ إليه ونتضرع بين يديه سائلين أن يهبنا إياها. إن طريق الوصول إليها شاق ومليء بالتحديات، لكن الثواب عظيم والمكافأة كبيرة، فما أعظم شعور الإنسان عندما يجد الطمأنينة في قلبه بعد قلق، والسكينة في نفسه بعد اضطراب، والأمن في روحه بعد خوف، لا شيء يعادلها!

فهيا بنا نسعى جميعاً وراء امتلاك تلك الجوهرة الثمينة “الروح المطمئنة”، ففيها الخير العميم لنا في الدنيا قبل الآخرة، ولنتذكر دوما أن باب ربنا مفتوح لكل من سأل وتضرع ودعا، فلنقبل عليه متوسلين أن يرزقنا إياها وأن يديمها علينا.

#سفير_برس _ بقلم : د. إلهام التهامي _الكويت

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *