إعلان
إعلان

عناد اللحظة…!.بقلم : سعاد زاهر

#سفيربرس

إعلان

كانت السيارة الحمراء الصغيرة تمشي على الطرقات السريعة بتسارع لا ننتبه إليه إلا حين تصدر صوتاً أننا قد تجاوزنا السرعة المحددة لمثل هذه الطرقات.
كنت أضم إلى صدري حقيبتي كأنني أخفي بها تسارع دقات قلبي حتى لا تصدر هي الأخرى صوتاً، ينم عن تسارعها، حاولت أن أشغل بعض الأغنيات إلا أنها عاندتني، كما أفعل معه.
هل ستكون المرة الأخيرة، حاولت أن أتماسك، أن أخفي كل ما أفكر به، وأن أرد على كلماته الغاضبة باقتضاب، دون أن أعاتبه بأنه تسرع حين اتخذ قراراً يخصني بمفرده، دون أن يفهم سبب ثورة الغضب التي اجتاحتني.
هو القاطن في تلك المدن الغارقة في رفاهية وأنا الآتية من مدن مكبلة بحروب لا تنتهي، أي لغة تجمعنا…؟
الغريب في أمثال هذه المواقف كانت تغمرني الدموع، اليوم ولا حتى قطرة صغيرة، مجرد اختناق هائل في الروح، وضباب يغشي نظري، بالكاد أشعر أني جالسة في تلك السيارة التي اختارها سلسلة ناعمة تجيد الانزلاق بيسر ومرونة في شتى الدروب، على عكس مزاجنا العكر، الذي عاند اللحظة وأفقدناها متعتها.
كنت أود لو أن كبريائي يجيد التعبير عما يجول في صدري، هل أبوح بمدى عصيان عقلي وانجرار روحي إليه، أو أخفى كل شيء وأبقى على عنادي، رغم أنها اللحظات الأخيرة قبل الوداع…؟
حين نظرت إلى تعابير وجهه الحزينة، وسمرة وجهه التي تحولت إلى لون غريب، هالني حزن عينيه كأن دموعه عالقة ترفض الاغتسال، لم أستطع السيطرة على نزقي حين وجه اللوم، وبقيت أعاند حتى اللحظات الأخيرة.
ولكن حين فارقته، لم أستطع أن أقاوم شهوة اقتناص دمعة، شعرت أن جميع من حولي يهرولون إلى طائراتهم، وأنا وحدي لا أدري هل أعود أم أبقى…؟!
أين كنت أخبئ كل هذا العناد…؟
وكيف وافقتني على كل هذه القسوة…؟
حين لحقت به إلى الباب كانت السيارة الحمراء قد غادرت الى الأبد.
يا لهولنا حين نصادر مشاعر راجفة، ونرفض أن ترد لنا العواطف بعضا من انزواءنا المعهود…!

#سفيربرس _ بقلم : سعاد زاهر 

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *