لا تنشغل بالمقارنات غير العادلة!.. بقلم : محمد عفيف القرفان
#سفيربرس _ الكويت

في قصة رمزية تدور أحداثها بين طيار حربي شاب وطيار مدني مسن، حيث دار حديث بينهما وهما في الجو عندما التقتا طائرتيهما، نظر الطيار الشاب إلى الطيار المسن وأرسل له رسالة يقول له فيها: “راقب ما الذي سأفعله الآن، وهو ما لا تستطيع فعله بطائرتك الضخمة هذه!” ثم قام الطيار الشاب بحركات بهلوانية استطاع أن يتحكم فيها بطائرته لتطير بعدة وضعيات وبسرعة كبيرة جداً؛ ثم نظر إلى الطيار المسن مزهواً وكأنه يقول له: “لا يمكنك أن تفعل هذا”، فقال له الطيار المسن: “راقب ما الذي سأفعله الآن وهو ما لا تستطيع أنت فعله بطائرتك الصغيرة هذه” ثم غاب قليلاً وعاد إلى مقصورته ونظر إلى الطيار الشاب مبتسماً وهو يحمل كوباً من الشاي وقال له: “لقد ذهبت إلى المطبخ في آخر الطائرة، وصنعت كوباً من الشاي وعدت لاستمتع بطعمه اللذيذ في مقصورتي”.
في هذه القصة يرمز الطيار الشاب إلى المهارة ويرمز الطيار المسن إلى الخبرة، وكلاهما لا يمكن الاستغناء عنهما على كل حال؛ فالمهارة تعني القيام بالمهمة برشاقة وخفة والخبرة تعني القيام بالمهمة بذكاء وحكمة. ولا يمكن أن نفضّل واحدة على الأخرى لأن ما يقرر الحاجة لأي منهما هو طبيعة المهمة وتفاصيلها، فثمة مهام تتطلب مهارات وثمة مهام تتطلب الخبرة.
ثم إن المقارنة بينهما غير واردة لوجود فروق تتعلق بالعمر والصحة الجسدية والقدرات العقلية، فصاحب الخبرة كان ذا مهارة يوماً ما، وصاحب المهارة سيصبح ذا خبرة يوماً ما. أما الفارق الجوهري بينهما يكون في توظيفهما، إذ لا يعقل أن نضع ذو خبرة في مهام تتطلب مهارات جسدية لا يمتلكها، ونضع شخصاً ماهراً ليقوم بمهام تتعارض مع قدراته. أما الجمع بين المهارة والخبرة فيتطلب قدرة خارقة لا يمتلكها جميع الناس.
شاهدت مؤخراً مقطعاً مصوراً للاعبيّ كرة تنس الطاولة، وكان اللقاء بين شاب متحمس وماهر ورجل قارب عمره من السبعين عاماً؛ وقد كان اللقاء متكافئاً بصورة لافتة رغم فارق اللياقة الجسدية بين اللاعبين. لقد كان اللاعب الشاب يتحرك بخفّة وسرعة ويقوم بالتسديد بمهارة لا تخطئها العين، وعلى الجانب الآخر كان اللاعب المسن يتحرك ببطء ولكن بحركات مدروسة جيداً توفّر الطاقة وتسدد بحكمة مستغلة الثغرات لدى اللاعب الماهر على الطرف الآخر.
إن وضع مهارة في غير مكانها، أو وضع خبرة في غير مكانها أشبه بزراعة بذور صالحة ومفيدة في تربة لا تصلح لها، وعلى صاحب المهارة أو الخبرة أن يعي ذلك جيداً لكي لا يتم وضعه في مكان لا يتناسب مع قدراته، حينها يكون قد أهدر قدراته التي ما أن يضعها في تربتها المناسبة حتى تتفتح وتزهر وتقدم أفضل ما لديها.
اعرف قيمتك جيداً ولا تنشغل بالمقارنات غير العادلة!
يقول المتنبي:
وما التأنيث لاسم الشمس عيب ولا التذكير فخراً للهلال.
#سفيربرس _ الكويت _ بقلم : محمد عفيف القرفان
#إدارة #قيادة #خبرة #مهارة
#المدرب_المايسترو #كارير_كوتشنغ