الامتنان للأقدار: كيف تصنع العثرات أجمل نسخنا
سفيربرس_هبة الله دهمان _ فيينا

في هذه المساحة التي أكتب فيها، أحاول أن ألتقط المعنى من تفاصيل الحياة، وأن أُعطي للكلمات دورها في التعبير عن ذلك الامتنان العميق لما خفي نفعه وظهر أثره لاحقًا. هذا النص هو امتنانٌ من نوع مختلف…
الامتنان للأقدار: كيف تصنع العثرات أجمل نسخنا
في غمرة الحياة وأحداثها المتسارعة، غالبًا ما نقف أمام الانتكاسات بخيبة، نراها نهاية طريق، ونشعر أن الحلم الذي بنيناه بعناية قد تهاوى فجأة. لكن مع مرور الوقت، ندرك أن كل شيء حدث لم يكن عبثًا، وأن كل ما خالف رغباتنا، وما انكسر في طريقنا، كان يحمل رسالة خفية، ورسْمًا جديدًا لما كنا سنكون عليه.
أنا ممتنّة جدًا للطريق، للأحداث، للخيبات الصغيرة والكبيرة. ممتنّة لكل لحظة ظننتُ فيها أنني وصلت إلى النهاية، فوجدت نفسي أبدأ من جديد. لكل المخططات التي فشلت، ولكل الأحلام التي تساقطت بين يدي، لأنها علّمتني أن أثق أن ما كُتب لي أجمل مما تمنيت.
ممتنّة لأن بعض الأشياء التي أحببتها بصدق انطفأت في عيني. امتنان لا يملؤه الحزن، بل الفهم: أن خسارة بعض الأشياء لم تتركني خاوية، بل أضاءتني كلي. أن هناك نورًا يولد في الداخل حين يخفت نور الخارج.
ممتنّة للدروب التي لم تكتمل، وللأبواب التي أُغلقت في وجهي، لأنها أرشدتني إلى طرق أخرى، أكثر صدقًا مع روحي. جعلتني أزهر في أماكن لم أكن أتوقعها، بين أناس يشبهونني، يفهمونني، ويؤمنون بي كما أنا، لا كما ينبغي أن أكون.
تعلمت أن أكون ممتنّة لكل انكسار، لأن الانكسار الحقيقي لا يكسرنا، بل يعيد تشكيلنا بأكثر مما كنا نظن أننا نستحق. تعلمت أن الفشل ليس هزيمة، بل خطوة نحو نسخة أكثر نضجًا مني. وأن الانتظار، مهما طال، يحمل في طياته تجهيزًا هادئًا لما هو أجمل وأصدق.
الامتنان ليس فقط لما نحبه، بل لما لم نرغب فيه حين حدث. لما حطم قلوبنا، ثم علّمها كيف تنبض بقوة أكبر. لما كسر أحلامنا الأولى، فقط ليصنع لنا أحلامًا أكثر عمقًا وحقيقة.
اليوم، أقف ممتنّة لكل شيء. للألم قبل الفرح، للخذلان قبل الحب، للطرق المغلقة قبل الطرق المفتوحة.
ممتنّة لأنني الآن أكثر اتساقًا مع نفسي، أكثر فهمًا لمعنى أن تختارني الحياة لما هو أنسب لي، لا لما كنت أظنه الأجمل.
الامتنان علّمني أن لا أخشى الخسارات بعد اليوم، بل أن أراها جزءًا من الرحلة. رحلة تكشف لي، كل مرة، أنني كنت أحتاج أن أضيع قليلًا… لأجد نفسي من جديد.
بقلم: هبة
“كل شيء ظننته نهاية… كان في الحقيقة بداية جديدة بثوب مختلف.”
سفيربرس_هبة الله دهمان _ فيينا